المنهج الرّياضي في البصريات

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذة فلسفة في جامعة حسيبة بن بوعلي - الشلف- الجزائر، وعضو في مخبر الأبعاد القيمية للتحوّلات الفکرية والسياسية بالجزائر- وهران.

المستخلص

لا شکّ أنّ معيار علمية وموضوعية أيّة معرفة يُقاس بمدى إتّباعها لمنهج معيّن، تنتظم من خلاله الدّراسات والبحوث، حيث يتحدّد منهج کلّ علم بحسب طبيعة موضوعه، وهذا ما يُسهم في دفع البحث العلمي إلى تحصيل نتائج تتسم بالوضوح والموضوعية في فهم ظاهرة معيّنة، وذلک باعتبار أنّ المنهج هو السبيل أو الطريق الذّي ينبغي على الباحث سلْکُه للکشف عن الحقيقة في مختلف مجالات العلوم، اعتمادا على خطوات منهجية منتظمة يتمُّ فيها تحقيق التّناسق بين المبادئ العقلية والتجريبية في تفسير ظاهرة ما.
إنّ الإقرار بضرورة وجود منهج علمي للوثوق بالمعرفة ليس مطلباً حديثاً فرضته التّحولات الفلسفية والعلمية منذ العصر الحديث عند الغرب، والذي نتج عنه لاحقاً تخصيص علم قائم بذاته وهو علم المناهج، وإنّما هو مطلب قديم له مرجعيته في تاريخ الفلسفة والعلم، وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أنّ الفلسفة اليونانية جعلت من المنطق منهج بحثها وآلة علمها، ويرجع الفضل في ذلک إلى الفلسفة المنهجية التي تبنّاها «أرسطو» (284-322ق.م)، في تصنيفه للعلوم برسم حدودها وفروعها وإدراک العلاقات المنطقية بينها، وفقاً لمنهج استنتاجي استنباطي کان طاغياً على نمط التفکير الفلسفي اليوناني، کفکر کان منصبّاً على البحث عن الماهية أو المبدأ الکلّي الجامع لکلّ العلوم، من علوم الطبيعة وعلوم التّعاليم وغيرها وهذا ما کان يمثّل جوهر العلم الحقيقي عند اليونان عامّة.
وبالتّالي فالمنهج الاستنباطي يعتبر من بين أهمّ وأقدم المناهج العلمية التي اعتمدها الفلاسفة والعلماء في البرهنة على تصوراتهم العلمية والفلسفية، لاسيما ما تعلّق منها بالبرهنة الرياضية التي مثّلت ولا تزال تمثّل نموذجًا للدقّة واليقين في الفلسفة والعلم، وانطلاقاً من ذلک سنحاول التّطرّق لتطبيق المنهج الرياضي في البرهنة على نظريات الضوء، بالکشف عن النّتائج المختلفة لهذا البحث، اعتماداً على توظيف بعض النّماذج المعرفية في حقل علم البصريات، وتبيان دور هذه التراکمية المعرفية في الکشف عن مکنونات الضّوء مرحليّا من خلال تنوّع منطلقات نظريات الضّوء.