التعايش بين الأديان بين النظرية والتطبيق

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المدرس بقسم الفلسفة الإسلامي، بکلية دار العلوم - جامعة القاهرة.

المستخلص

لقد عانى ولا يزال يعانى المجتمعُ الدولى من الصراعات التى تُرتکب من بعض أتباع الرسالات الإلهية باسم الدين مع أن جوهر الرسالات الإلهية يدعو إلى هداية الناس، واحترام کرامة الإنسان وحرية الفکر، وحرية الاعتقاد، والمساواة فى الحقوق العامة، والعدل فى جميع الأحوال، والمحبة والتسامح والإخاء والتعاون البنَّاء، والانتفاع المشترک بکافة المنافع الطبيعية التى منحها الله الناسَ أجمعين بقطع النظر عن عقائدهم ومذاهبهم وأجناسهم وانتماءاتهم العرقية، والتى تکفيهم جميعًا، بل تزيد عن حد الکفاية إن أحسنوا التعامل معها.
لماذا تبدأ دعواتُ الإصلاح بروح نقية تدعو إلى الهداية وتزکية النفس وتطهيرها للتصدى للفساد والانحراف، وحينما تختلط بالدنيا وزخرفها وتبدأ الغنائمُ يخالف بعضُ القائمين عليها ما يدعون إليه، بل ويستغلون تلک الدعوات الإصلاحيةَ لتبرير استئثارهم بالسلطة وإقصائهم الآخرين، والتنکر لحقوقهم المشروعة، ويصبح شعارُهم «من ليس معنا فهو ضدنا»، وبالتالى فهو کافر ومشرک ومستباح الدم والمال والعرض؟!
ولو کانت المنافسةُ بين الأديان قائمةً على الرغبة المحضة فى هداية الناس والإخلاص العميق فى تقريبهم إلى الله لما بقي بينها مجال للکيد الرخيص والعداوة الدامية.
لماذا تحولت اليهودية من کونها دينًا لبني إسرائيل إلى صِهْيَونيةٍ عالمية تکيد للآخرين وتسعى للهيمنة على العالم بأسره، وفى سبيل ذلک ترتکب أبشعَ الجرائم وتلصق أبشعَ التهم بالآخرين ومعتقداتهم؟
ولماذا تحول بعضُ أتباع المسيحية ذاتِ المبادئ السمحةِ التى تدعو إلى المحبة والتسامح والسلام إلى الفکر الصليبى الذى يزدرى أديانَ الآخرين ويشوهها عن عمد ويکيد لأتباعها ويشن عليهم الحملاتِ الإعلاميةَ المتواصلة، والحملاتِ العسکريةَ بالأصالة عن أنفسهم أو بوکالة الآخرين عنهم من حين إلى آخر؟ ولماذا يتعاون هؤلاء مع الصيهونية فى الکيد للآخرين خصوصًا أتباعَ الدين الإسلامى؟
ولماذا انحرف - أيضًا - بعضُ من ينتسبون إلى الدين الإسلامى عن مبادئه القويمة، وتعاليمه السمحةِ التى تدعو إلى الحق والهداية والقيم النبيلة واحترام کرامة الإنسان وسائر حقوقه بما فيها حرية الإرادة والفکر والاعتقاد إلى ممارسة العنف والإرهاب مع أن الإسلام برىءٌ من تلک الممارسات؟
ولماذا تتسعُ الفجوة باطراد بين النظرية والتطبيق، أو بين المبدأ والممارسة الفعلية؟