الکمال الإنسانى بين الفرد والنوع عند فويرباخ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد بقسم الفلسفة، کلية الآداب، جامعة الإسکندرية.

المستخلص

کانت فکرة الکمال الإنسانى من أهم الأفکار التى شغلت الفلاسفة عبر التاريخ، ابتداءً من سقراط وحتى الفکر الأخلاقى المعاصر؛ إذ ظلت موضوعاً للتأملات الفلسفية التى حاولت تحديد طبيعة هذا الکمال والسبيل للوصول إليه. وعبر مسار هذه الفکرة لدى المذاهب الفلسفية المختلفة، کانت تسود فى معالجتها ثنائية واضحة بين الکمال الفردى والکمال الجمعى للنوع البشرى؛ فهل الکمال هو کمال الفرد أم کمال الجنس البشرى فى مجموعه؟ وهل الفرد يستطيع بمفرده تحقيق هذا الکمال أم أن الإنسانية بکليتها هى الموضوع الذى يتحقق فيه هذا الکمال؟
صحيح أن هذه الثنائية کانت واضحة لدى الفکرين القديم والوسيط، إلا أنها لم تکن بمثل هذا الوضوح فى العصر الحديث، وذلک من جراء صعود النزعة الفردية واعتقاد أغلب الفلاسفة المحدثين فى أن الکمال الإنسانى قيمة فردية فى الأساس. وعلى الرغم من أن هذه الثنائية لم تکن واضحة فى الفکر الفلسفى الحديث، إلا أنها کانت حاضرة وموجودة بقوة وإن على نحو ضمنى غير مصرح به. وتعد فلسفة فويرباخ (1804 – 1872) أبرز الفلسفات الحديثة التى قدمت مقاربة لفکرة الکمال الإنسانى بإبراز ثنائية الفرد والنوع البشرى، وبالاشتباک مع الأسئلة السابقة حول ما إذا کان الکمال للفرد أم للنوع. وقد سبق لکانط (1724 – 1804) أن صرح فى فلسفته فى التاريخ أن التقدم والترقى الإنسانى هو هدف للإنسانية فى مجموعها لا هدف للفرد، ولاقى من جراء ذلک انتقادات عديدة أبرزها الانتقاد الذى وجهه له تلميذه وصديقه هيردر بوقوع کانط فى النزعة الرشدية، ذلک لأن القول بأن الکمال الإنسانى هدف للنوع لا للفرد هو عودة إلى نظرية وحدة العقل الرشدية.