إن مهمة نزع الأسطرة أو التفسير الوجودى، لا يمکن أن تکون مکتملة فى خطوطها العامة فيما أعطاه بولتمان فى بحوثه، فهى عملية يجب أن تنجز بکل أجيال الباحثين، وأن تنجز مراراً وتکراراً، بسبب أن ليس هناک تفسير لاهوتى نهائى. وبالطبع فإن بولتمان لا يزعم أن هذا عمل حياته، لاهوته للعهد الجديد، إنه أنجز هذه المهمة، ولکن على الأقل أنه قام بخطوة تجاهها، ومقاربته مدفوعة بقصد تبشيرى عميق، إنه يريد أن يجعل مفهوماً حقيقة ما هو حجر عثرة، عيسى المسيح عليه السلام، للمتعلمين وللمثقفين بأفضل معنى لهذه الکلمة، ولکنه لم يخاطب فقط الحياديين، فهو فى نفس الوقت هاجم أکليروسية الأمن الذاتى ومدرسية الاکتفاء الذاتى، کما کشف عن العديد من الأسئلة التى عمل العديد من معاصريه على جعلها مخفية من أجل حماية وهم الأمن. وهنا تظهر الصلة القوية بين المنهج الوجودى الذى اتبعه بولتمان فى تفسير التاريخ واللاهوت وکافة مناحى تفکيره فى المسيحية المعاصرة، فذلک يرتبط بموقفه من التفسير، والعقيدة، واللاهوت، والتاريخ، والکيرجما، واللغة، وبعبارة جامعة بکل مشروع بولتمان فى اللاهوت المسيحى فى کافة مناحيه، حيث تحکم هذه المقاربة الوجودية کل آرائه اللاهوتية، التى تصل به إلى جعل المسيحية فلسفة وجودية معاصرة، يغلب فيها الطابع الانثروبولوجى على الطابع اللاهوتى، ويتحول اللاهوت إلى انثروبولوجيا.