الفلسفة.. وأسئلة المستقبل

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الفلسفة بکلية الآداب، جامعة القاهرة.

المستخلص

کثير من الناس يتصورون أن دور الفلسفة يقتصر على التفسير والتبرير ويتناسون أن دورها الأکبر هو في التغيير وليس المقصود بالتغيير هنا هو التغيير الآني، فالتغيير يفتح الطريق أمام الفيلسوف باب التفکير في المستقبل والتنبؤ بما ستؤول إليه الأمور في کل مجالات الحياة. ومن ثم تکون رؤية الفيلسوف رؤية تنبؤيه يمکن أن يستفيد منها البشر في کل زمان ومکان.

إن الفکر الفلسفي هو في صميمه دعوة إلى التغيير ودعوة إلى التفکير في المستقبل والاهتمام به، فالمستقبل هو مجال الممکن ومجال الحرية ومجال العزيمة وفرض الإرادة الفردية للأفراد وفرض الإرادة الجماعية للشعوب والمجتمعات التي تريد أن تتقدم وتحقق استقلالها الذاتي ونموها المستقل.
               
وفلسفة المستقبل ما هي إلا دعوة للتفکير في المستقبل: قضاياه وتحدياته؛ فإذا کانت لحظات الزمان ثلاث: ماض وحاضر ومستقبل، فالماضي مضى وانتهى ولا مجال لاستعادته ومن يفکر في ذلک کأنه يتصور خطأ أن عقارب الساعة يمکن أن تعود إلى الوراء وهذا مستحيل، أما الحاضر فهو سيظل امتدادا للماضي بکل ما ترکه لنا من مشکلات وتحديات علينا أن نواجهها لتحسين حياتنا وتطويرها، والحقيقة التي يتناساها الجميع أنه لا مجال لذلک ولا إمکانية له إلا بالتفکير في المستقبل. ومن هنا قيل أن المستقبل هو مجال الممکن ومجال الحرية ومجال إعمال عزيمة التغيير إلى الأفضل. وقد تساءلت ذات مرة بحق في إحدى مقالاتي الصحفية: متى يصبح الحاضر ابنا للمستقبل؟! وقصدت حينئذ أن الإصلاح والتطور والتقدم لا يتمان باستعادة الماضي أو حتى بالتفکير فيه وإنما بالنظر في الحاضر نفسه واکتشاف واستغلال کل ممکناته من خلال تخطيط وتفکير مستقبلي بطريقة تأملية وعلمية تستشرف أفاقًا جديدة للمستقبل متجاوزة کل مشکلات هذا الحاضر الآنية المربکة بطريقة مبتکرة وبآليات ومناهج جديدة ضاربة عرض الحائط بکل القيود المکبلة للانطلاق نحو المستقبل.