الامتياز الأنطولوجي وغياب المستقبل العربي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

باحث ماجستير بکلية الآداب جامعة عين شمس.

المستخلص

يشکل المستقبل المسعى لکل ذات وکل مجتمع؛ حيث أنه يسعى عادة إلى تجاوز مشکلات وأزمات الحاضر ليشکل مستقبل أکثر إشراقا من الحاضر، لذا تعد النظرة إلى المستقبل هي أحد أهم محرکات التاريخ، فکما قيل عن حق «الرغبة في التقدير هي محرک التاريخ». ولکن في حال المجتمعات الإسلامية، نرى أن المستقبل في حالة تشوش وغياب عن الفهم والاستيعاب، وکذا أيضًا الحاضر، وذلک لاعتقادها الراسخ، بأن ثمة امتياز أنطولوجي، تملکه الذات الإسلامية، کونها إسلامية فقط، لا لشيء آخر. وما يحيل إليه الامتياز الأنطولوجي عادة غياب المستقبل عن الذات، حيث أن هويتها وامتيازها محدد سلفا، وليست في حاجة إلى صياغته أو صناعته، مما يعطى البطولة للماضي، کونه المحدد لهذه الذات، وما يفضي إليه من إنکار الذات المتحققة في الراهن - خاصة إذا کانت هذه الذات تعاني من الانهزام الحضاري، وغياب أي شکل من الندية تجاه الآخر المتفوق حضاريا - والتغني بالماضي.
ولما کانت الذات متحققة في الماضي، ومحددة سلفا، تصبح حبيسة له؛ تفکر من خلال الماضي، حيث جعلته سلطة معنوية مقرونة دائما بالتقديس والمدح کونه الممثل للذات،
مما يجعل سلطة الماضي تعمل عن دون وعي منها على تشکل نمط التفکير السائد، الذي يتسم بالإذعان والتکرار، أکثر مما يتسم بالانفراد والابداع، کون الذات محددة سلفا،
ومن ثم يصبح انتصارها يتمثل في عودة هذا الماضي، مما يجعلها قابعة في الماضي، تفکر
من خلاله، وتستثمر مجمل جهودها في إثبات تفوقه وصلاحيته. وهذا هو حال الذات الإسلامية بل إنها تعمل على سحب مجمل مشروعيات المنجزات البشرية، ونسبها إلى الماضي الإسلامي، ليشکل نمط الماضي وثيقة خلاص، ليس للأمة الإسلامية فحسب ولکن للکون کله. وکذا يصبح الماضي وثيقة الخلاص الکوني في الذهنية الإسلامية، وما يؤدي إليه من غياب الحاضر والمستقبل عن هذه الذهنية، بشکل شبه تام.

الكلمات الرئيسية